9 تقنيات حديثة ستكون “بداخلك” قريبًا!



بدأ العصر التقني منذ فترة قصيرة نسبيًّا مقارنة بعمر البشرية، ومع ذلك فقد أحدث تغييرًا جذريًّا وترك الأثر الأكبر في تاريخ الإنسانية، ولعل أكثر ما يميز العصر التقني هو عجلة التطور السريعة التي لا تتوقف وليست تستكين. منذ عدة سنوات ظهر جيل جديد من الأجهزة والأدوات التقنية تعرف بـWearable Technology أو التقنية القابلة للارتداء، وقد أثارت هذه الأجهزة ضجة ونقلة كبيرة للتكنولوجيا، ولكن هذه الطفرة ستأخذ وقتها تحت الأضواء ثم ستنسحب لتتيح المجال لظهور التقنية الحقيقية التي تسعى البشرية خلفها، فالتقنيات القابلة للارتداء ما هي إلا مرحلة انتقالية وتمهيدية لها. ستنتقل التكنولوجيا من خارج أجسادنا لتستقر وتندمج داخلها، هذا هو الإنجاز الكبير القادم للعلم.


إليكم تسع علامات وأدلة على أن التقنيات المزروعة قد خرجت للنور بالفعل وتنمو وتتطور بسرعة كبيرة وأنها ستصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا وأجسامنا قريبًا جدًّا.
الهواتف الذكية المزروعة


بالطبع لا ينكر أحدكم أننا متصلون “افتراضيًّا” بهواتفنا الذكية اليوم 24 ساعة يوميًّا، ولكن ماذا لو كنا متصلين “فعليًّا” بهواتفنا الذكية؟ هذا الأمر على وشك الحدوث فعلًا.

على سبيل المثال، العام الماضي قام أحد الفنانين بزرع رقاقة RFID في ذراعه لتقوم بتخزين ونقل أعماله الفنية إلى هاتفه الذكي. بعض الباحثين يدرسون إمكانية زرع أدوات استشعار sensors في الجسم لتحويل العظام إلى سماعات حية. علماء آخرون يعملون على شريحة يمكن زرعها في العين لتلتقط صورًا مع طرفة أو غمزة العين وإرسالها إلى أي وحدة تخزين أخرى في الجسم مثل شريحة الـRFID مثلًا التي زرعها الفنان في ذراعه. هل يمكن للبشر أن يطمح في أكثر من ذلك، نعم ماذا عن الشاشة؟ بعض التقنيين في شركة Autodesk يقومون بتجارب على نظام باستطاعته عرض الصور عبر الجلد الصناعي أو أدوات مجهرية سيتم زراعتها في العين.
RFID اختصار لـRadio Frequency Identification وهي تقنية تستخدم الموجات الكهرومغناطيسية لنقل البيانات، ويمكن إيجادها مدمجة في أغلب الهواتف الذكية اليوم.
رقاقات الشفاء


في الوقت الحالي يستخدم المرضى أجهزة تقنية مختلفة ترتبط مباشرة بتطبيقات الهواتف الذكية لمراقبة وعلاج بعض الأمراض، على مستوى أكبر نجد في جامعة بوسطن الأمريكية بنكرياسًا صناعيًّا به أداة استشعار مجهرية متصلة بإبرة تتحدث مباشرة مع تطبيق على الهواتف الذكية لمراقبة نسبة السكر في الدم لمرضى السكري. العلماء في لندن يعملون على تطوير دوائر صغيرة بحجم الكبسولة يمكن ابتلاعها لتسمح بمراقبة مستوى الدهون لدى مرضى السمنة وعند زيادتها تنتج مواد جينية تجعل المرضى يشعرون بالشبع. وتمثل هذه التقنية بدلًا محتملًا للحلول الجراحية الحالية لمشكلة السمنة المفرطة. العديد من الحالات الطبية الأخرى مثل مشاكل القلب والمشاكل النفسية تنتظر حلولًا “مزروعة” قيد التطوير حاليًّا.
حبوب الدواء التي يمكنها أن تتحدث إلى طبيبك


يبدو أن الأجهزة المزروعة في الجسم لن يكون باستطاعتها فقط التواصل مع هاتفك الذكي وإنما ستتحدث أيضًا إلى طبيبك. في مشروع يطلق عليه Proteus يعمل فريق بحث بريطاني على تطوير حبوب دواء روبوتية مزودة بمعالجات صغيرة يمكنها أن ترسل رسائل مباشرة إلى طبيبك من داخل جسمك، ويمكنها أن تشارك طبيبك بمعلومات حيوية عن جسدك يستطيع من خلالها معرفة ما إذا كنت تتناول دوائك بشكل صحيح وما إذا كان يؤدي وظيفته كما هو متوقع.
رقاقة بيل جيتس المزروعة للتحكم في النسل


مؤسسة جيتس هي مؤسسة غير ربحية وخيرية أنشأها بيل جيتس وهي تدعم مشروعًا خاصًّا بمعهد MIT الذي يهدف إلى تطوير وسائل ذكية لمنع الحمل يمكن التحكم بها خارجيًّا. هذه الرقاقة الصغيرة تفرز كميات صغيرة من هرمون منع الحمل في جسم المرأ لمدة قد تصل إلى 16 عامًا، وكما يشير القائمون على المشروع فالأمر بسيط ويشبه عملية الحصول على وشم، ويمكن التحكم في هذه الرقاقة من الخارج لإيقافها أو تشغيلها حسب الرغبة الشخصية في الإنجاب. أعتقد أن فقد أداة التحكم في هذه الحالة ستكون عواقبه وخيمة.
الوشم الذكي


الوشوم من الظواهر المنتشرة بكثرة في هذا الزمان فلماذا لا تطالها التكنولوجيا؟ الوشوم الرقمية لن تبدو جميلة فقط، وإنما ستقوم بمهام مفيدة أيضًا، مثل فتح وتشغيل سيارتك أو فتح قفل هاتفك الشخصي. باحثون في جامعة إلينويس نجحوا في صنع ألياف رقمية أنحف من شعرة الإنسان ويمكن لحمها ودمجها في البشرة وبإمكانها مراقبة وظائف حيوية داخل الجسم وهي في الخارج. شركة أخرى تدعى Dangerous Things قامت بتطوير رقاقة NFC يمكن دمجها في الإصبع عبر عملية تشبه الحصول على وشم وتسمح لك هذه الرقاقة بفك تشفير الأشياء وإدخال الأرقام السرية عبر الإشارة بإصبعك فقط. فريق آخر من الباحثين من تكساس تمكن من تطوير جزيئات مجهرية يمكن حقنها تحت الجلد تمامًا مثل الحبر المستخدم في الوشم ويمكن لهذه الجزيئات أن تتبع وتراقب عمليات الجسم الحيوية.
NFC هي اختصار لـNear Field Communication وهي نوع من أنواع الاتصالات اللاسلكية قصيرة المدى، حيث يكون الهوائي المستخدم أقصر بكثير من الطول الموجي الخاص بالإشارة الحاملة للبيانات، هذه التقنية مبنية على تقنية RFID وتختلف عنها في أنها اتصال ذو اتجاهين.
واجهة الدماغ والكومبيوتر


فكرة اتصال الدماغ البشري بشكل مباشر مع الكومبيوتر كانت دومًا من أحلام أو كوابيس الخيال العلمي، أما اليوم فهناك فريق من جامعة براون يدعى BrainGate على وشك تحقيق هذا الحلم ووصل الدماغ البشري بشكل مباشر مع الحاسوب، وذلك عبر مجموعة من الإلكترودات الصغيرة التي سيتم زرعها في الدماغ، ويقول الفريق أن الإشارات العصبية يمكن فك تشفيرها وفهمها لحظيًّا عبر حاسوب خارجي واستخدامها من أجل تنفيذ وظائف أخرى خارجية. وتتوقع شركة إنتل الرائدة في صنع الرقائق الإلكترونية أن أمرًا كهذا ليس بعيد المنال وأنه سيكون حقيقة عملية بحلول عام 2020، فقد أصبح الاهتمام بهذا المجال أكثر من ذي قبل ويمكنك أن تتخيل التطبيقات التي يمكن تنفيذها بتقنية كهذه، تخيل تصفح الإنترنت عن طريق التفكير فقط كمثال.
البطاريات الحيوية القابلة للذوبان


أحد أهم التحديات التي تواجه التقنيات المزروعة في جسم الإنسان هي كيفية تزويد تلك التقنيات بالطاقة اللازمة للعمل، فلا يمكنك ببساطة أن توصلها بمقبس الكهرباء كما لا يمكنك أن تخرجها من حين لآخر لتغيير البطارية. فريق بحثي يعمل على تطوير بطاريات قابلة للتحلل، تقوم بإنتاج الطاقة داخل الجسم وإرسالها حيث الحاجة ثم ببساطة تبدأ في الذوبان والاختفاء. مشروع آخر يسعى لحل هذه المعضلة من خلال بحث كيفية استغلال الجلوكوز الموجود في الجسم من أجل إنتاج طاقة للتقنيات المزروعة.
الغبار الذكي


لعل أكثر الابتكارات التي سنذكرها اليوم إثارة للدهشة والروعة هي الغبار الذكي، مصفوفة من الحواسيب الصغيرة والقوية مزودة بهوائيات وكل واحدة منها أصغر حجمًا من حبة الرمل، والتي يمكنها أن تنظم نفسها داخل الجسم على شكل شبكات حسب الحاجة لتزويد العمليات المعقدة الداخلية بالطاقة وتنفيذ مهام مختلفة. تخيل سربًا من هذه الأجهزة المجهرية والتي يطلق عليها motes وهي تهاجم الخلايا السرطانية في مراحلها المبكرة أو تعمل على تخفيف ألم جرح ما أو حتّى تقوم بتخزين معلوماتك الخاصة بشكل مشفر لا يمكن لأي مخترق أن يخترقها.

بواسطة الغبار الذكي سيكون بمقدرة الأطباء تنفيذ عملياتهم داخل جسمك بدون الحاجة إلى الجراحة، وسيكون باستطاعتك اختزان معلوماتك الشخصية أو الحساسة داخل شبكتك المجهرية المزروعة في جسمك واستعادتها عند الحاجة.
التحقق الذاتي والتعرف على الأشخاص


التقنيات المزروعة سيكون لها ما لها من فوائد ولا ننكر ذلك، ولكن بالطبع لكل شيء جانبه السيء، فهذه التقنيات تثير الشكوك والتساؤلات حول الخصوصية في ظل مثل هذه التقنيات. يمكن لهذه التقنية أن تستخدم للتعرف على كل ‘نسان على وجه الأرض، على سبيل المثال الجيش الأمريكي يمتلك برنامجًا حقيقيًّا لتزويد الجنود برقائق RFID لمتابعة ومراقبة جنودهم حول العالم آليًّا، ويعتقد العديد من الخبراء أنه لا مفر من مثل هذا التوسع في مجال تحقيق الشخصية.

البعض يرى هذه التقنيات كإنجاز إيجابي سيساهم في محاربة الجريمة والمجرمين ويمكن استغلاله في تحقيق انتخابات عالمية آمنة وثورة إيجابية في المجال الطبي وبالطبع في مجال تأمين البشر والأطفال وإيجاد المفقودين. والبعض الآخر يراها بشكل سلبي يمكن استخدامها لمراقبة ورؤية كل شيء، وآخرون يرون فيها خطوة أولى نحو التفرد Singularity، تلك اللحظة التي تنهي فيها البشرية مستقبلها لصالح البرمجيات.